أبو هشهش في حفل اطلاق"كن ضدك مرتين":

 

*بسيسو يجرّب  اشكالاً شعرية جديدة في قصيدة النثر

*الديوان خروج من الغنائية المباشرة إلى حالة ترفع الخطاب الشعري

التقى الشاعر الفلسطيني إيهاب بسيسو بجمهور نوعي وكبير في حفل اشهار وتوقيع ديوانه الجديد"كن ضدك مرتين" الذي نظمه ملتقى فلسطين الثقافي في مقره في مكتبة دار الشروق رام الله مساء الاثنين 21/12/2015.

افتتح اللقاء رئيس الملتقى،المدير العام لدار الشروق للنشر والتوزيع في الاردن و فلسطين،مرحبا بالحضور ومرحبا بالشاعر بسيسو،وبالناقد الدكتور ابراهيم أبو هشهش،رئيس دائرة اللغة العربية في جامعة بير زيت.قال البس "إننا نحتفل بالشاعر ايهاب بسيسو ،نائب رئيس الملتقى،ونبارك له موقعه الجديد وزيرا للثقافة،ونتوقع منه مع الكثير من العاملين بالشأن الثقافي،الكثير،وهو المثقف المطل على المشهد الثقافي في فلسطين والعالم،رغم إدراكنا لقلة الامكانات الموضوعة بتصرفه"

تلى الترحيب قراءة نقدية موجزة و مكثفة قدمها الدكتور أبو هشهش،جاء فيها:

عنوان هذه المجموعة "كن ضدك مرتين" مؤشر سيميولوجي يكاد يستوعب دفعة واحدة الدلالة المواربة التي تلقي أضواء متقطعة على قصائد الديوان بأكمله، وهي مواربة لأن الشعر بطبيعته عالم يراوح بين الوضوح والغموض، العنوان هنا ليس مجرد يافطة مرفوعة على ناصية النص ، بقدر ما هو موتيف دال يقود الدلالة الكلية التي تتخلل قصائد الديوان بتجليات وتمثيلات متنوعة. وقد جاءت القصيدة الأولى لتكون حاضنة لرؤية العنوان ومختبراً لتشكيله، وبقراءتها تتأكد الدلالة الأساسية المتضمنة في العنوان، وهي أن نفي النفي إثبات، بمعنى أنك اذا كنت ضد نفسك مرتين فستكون معها في المحصلة النهائية. ولا يمكن للأنا الشاعرة أن تكون متطابقة تطابقاً كلياً مع ذاتها الاّ في حالة الصدق المطلق، أي أثناء كتابة القصيدة. ومن هنا فإن الصورتين المتقابلتين، أي  الأنا وصورتها المرآوية، تلتقيان في نهاية الأمر في ذات واحدة تجلس لتكتب قصيدتها ، و لتمثل إنحيازها في الكينونتها الفردية والإنسانية، لأن أي وجود آخر خارج هذه الحالة هو اغتراب الأنا عن ذاتها الذي يتجلى في الوجود خارجها وهي جالسة في حديقة بلد بعيد تراقب المشاهد المتحركة أمامها، أو لتتأمل في صورة الأم في إطارها الخشبي إلى جانب السرير، ولتستسلم لتيار ذاكرة الطفولة والمدنية الأولى التي تجاور البحر، وتستعيد الأب الذي يفصله الورد والرخام. ولكن قبل اندغام الأنا وصورتها المرآوية في ذات واحدة فإنها أي هذه الأنا الشاعرة تنشطر إلى متواليات لانهائية وهي تعيش حالة من الاستلاب يجعلها تكتفي بمراقبة الأشياء بدون المشاركة في صنع الحياة التي تجري أمامها، لأن المنفى في جوهره هو حالة استلاب تنزع من الذات فعاليتها الإنسانية من خلال إخراجها  من سياقها الثقافي والسيكولوجي والمعنوي. ومن هنا فإن أغلب قصائد هذه المجموعة جاءت مؤثثة بالوطن من خلال ذاكرة حية لا تغفل أدق التفاصيل، ومؤثثة في الوقت نفسه بعناصر المنفى المتمثلة في مراقبة مشهدية (بانورامية) عريضة تتوالد في عنوانات متتالية يكتب كل منها فصلاً خاصاً في كتاب المنفى ، أي في كتاب الذات المنشطرة إلى أنا وآخر، وإلى وطن ومنفى.

إن البنية اللغوية القائمة غالباً على ثنائية مخاطب( بكسرالطاء) ومخاطب(بفتحها) أي أنا وآخر، أو ذات صورتها المرآوية، هي من الناحية البنائية خروج من الغنائية المباشرة إلى حالة ترفع الخطاب الشعري إلى مستوى يتمكن فيه من النظر إلى الأشياء وإستيعابها وإعادة إنتاجها ، ضمن مناخ يقصد قصداً إلى السيطرة على العواطف و الانفعالات حتى تتمكن القصيدة من تقديم أيدولوجيتها الشعرية في بنية سردية درامية، حتى لو كان التقنيع الدرامي رفيعاً وشفافاً يكشف عن الأنا  الشعرية ولا يحجب غنائيتها، من غير أن تضعف العاطفة هنا ، وإنما يشعر القارىء أنها قد تحولت إلى تيار عميق يسري متدفقاً تحت سطح الكلام الذي يظل هادئاً من ناحية ظاهرية فقط . ولكي لا ينصرف الذهن هنا إلى أن الأنا الشعرية قد تعاملت مع صورتها المرآوية من منطلق مفهوم  علم النفس التجريبي ومفهوم لاكان ونظريته عن إدراك الذات، فإنني أستدرك هنا لأقول إن هذه الأنا هي التي تصنع لذاتها صورة آخرى أو قريناً تحاوره باستمرار تاكيداً على البعد الدرامي السردي وتخففاً من إفراط الغنائية من ناحية  ، ولأن ذلك يتيح من الناحية البنائية مجالاً أوسع للتأمل في المنفى والوطن والذات والأشياء والوجود برمته، من الناحية الأخرى. وهذا هو ما أدى في النهاية إلى العدول عن الاعتماد على دهشة الصورة الجزئية وقوتها – حال قصيدة النثر المعاصرة عادة – إلى بناء مشهد بانورامي واسع قوامه الصورة الكلية التي تتشكل من جميع عناصر القصيدة حتى الكلمة الأخيرة فيها، ولتعمل هذه القصائد في آخر الأمر مجتمعة لتقدم رؤية الديوان الكلية وايديولوجيته الشعرية المذابة في كل العناصر اللغوية بتمثلاتها المختلفة الغنائية والسردية والدرامية. أضف إلى ذلك أمراً آخر لابد أن يلفت نظر القارىء وهو هندسة القصيدة اللغوية وتشكيلها الطباعي ( أي ما يسمى طبوغرافيا الصفحة الشعرية ) . فهناك بنية هندسية تقوم على شبه تماثل بين المقاطع اللغوية التي تشكل صوتاً وما يقابلها من مقاطع آخرى تأتي الى يسارها طباعيا ً وهي تشكل الصدى أو القرار ، مما يجعل للصوت الواحد مستويين يذكران بالمعنى الأساسي والجوقة التي تردد مقطعاً مكرراً بفارق أن هذا المقطع هو جديد في كل مرة، ولكن دوره هو تظهير المعنى المتضمن في الأسطر المقابلة وفتح أبواب الدلالة على رؤية قادمة في المقاطع الأخرى ، وهكذا من المراوحة المدروسة التي تأخذ القصيدة في النهاية إلى ذروتها ، حتى أكاد أقول – مع بعض التوسع – إن الشاعر هنا يجرّب  اشكالاً شعرية جديدة في قصيدة النثر ، وهو الذي تأسس شعريا في القصيدة العربية بأشكالها المختلفة ، ومن ضمنها بطبيعة الحال قصيدة "التفعيلة"، مما يؤكد أن قصيدة النثر هي خيار جمالي تام ينحاز إليه الشاعر،و يستند إلى وعي كامل بدورها وأهميتها وقدرتها على حمل رؤيتة الشعرية واستيعابها" .

وبناء على طلب الحضور،قرأ بسيسو مجموعة من قصائد الديوان ،تفاعل معها الحضور،لينتقل بعدها الى توقيع الديوان.

تقع المجموعة في 192 صفحة من القطع المتوسط، وصدرت عن دار الشروق للنشر والتوزيع في عمان ـ الأردن، وصمم غلافها الفنان محمد سباعنة، وتحتوي على 52 نصاً نثرياً.

إيهاب بسيسو كاتب وشاعر فلسطيني ولد ونشأ في مدينة غزة، حصل على شهادة الدكتوراه في الإعلام الدولي من بريطانيا، عمل مدرساً للإعلام في جامعة كاردف في ويلز، كما عمل محاضراً في جامعة بير زيت قبل أن يعمل ناطقاً باسم الحكومة الفلسطينية، وتم تعيينه قبل أيام وزيراً للثقافة الفلسطينية.

 أبو هشهش في حفل اطلاق"كن ضدك مرتين":

 

*بسيسو يجرّب  اشكالاً شعرية جديدة في قصيدة النثر

*الديوان خروج من الغنائية المباشرة إلى حالة ترفع الخطاب الشعري

التقى الشاعر الفلسطيني إيهاب بسيسو بجمهور نوعي وكبير في حفل اشهار وتوقيع ديوانه الجديد"كن ضدك مرتين" الذي نظمه ملتقى فلسطين الثقافي في مقره في مكتبة دار الشروق رام الله مساء الاثنين 21/12/2015.

افتتح اللقاء رئيس الملتقى،المدير العام لدار الشروق للنشر والتوزيع في الاردن و فلسطين،مرحبا بالحضور ومرحبا بالشاعر بسيسو،وبالناقد الدكتور ابراهيم أبو هشهش،رئيس دائرة اللغة العربية في جامعة بير زيت.قال البس "إننا نحتفل بالشاعر ايهاب بسيسو ،نائب رئيس الملتقى،ونبارك له موقعه الجديد وزيرا للثقافة،ونتوقع منه مع الكثير من العاملين بالشأن الثقافي،الكثير،وهو المثقف المطل على المشهد الثقافي في فلسطين والعالم،رغم إدراكنا لقلة الامكانات الموضوعة بتصرفه"

تلى الترحيب قراءة نقدية موجزة و مكثفة قدمها الدكتور أبو هشهش،جاء فيها:

عنوان هذه المجموعة "كن ضدك مرتين" مؤشر سيميولوجي يكاد يستوعب دفعة واحدة الدلالة المواربة التي تلقي أضواء متقطعة على قصائد الديوان بأكمله، وهي مواربة لأن الشعر بطبيعته عالم يراوح بين الوضوح والغموض، العنوان هنا ليس مجرد يافطة مرفوعة على ناصية النص ، بقدر ما هو موتيف دال يقود الدلالة الكلية التي تتخلل قصائد الديوان بتجليات وتمثيلات متنوعة. وقد جاءت القصيدة الأولى لتكون حاضنة لرؤية العنوان ومختبراً لتشكيله، وبقراءتها تتأكد الدلالة الأساسية المتضمنة في العنوان، وهي أن نفي النفي إثبات، بمعنى أنك اذا كنت ضد نفسك مرتين فستكون معها في المحصلة النهائية. ولا يمكن للأنا الشاعرة أن تكون متطابقة تطابقاً كلياً مع ذاتها الاّ في حالة الصدق المطلق، أي أثناء كتابة القصيدة. ومن هنا فإن الصورتين المتقابلتين، أي  الأنا وصورتها المرآوية، تلتقيان في نهاية الأمر في ذات واحدة تجلس لتكتب قصيدتها ، و لتمثل إنحيازها في الكينونتها الفردية والإنسانية، لأن أي وجود آخر خارج هذه الحالة هو اغتراب الأنا عن ذاتها الذي يتجلى في الوجود خارجها وهي جالسة في حديقة بلد بعيد تراقب المشاهد المتحركة أمامها، أو لتتأمل في صورة الأم في إطارها الخشبي إلى جانب السرير، ولتستسلم لتيار ذاكرة الطفولة والمدنية الأولى التي تجاور البحر، وتستعيد الأب الذي يفصله الورد والرخام. ولكن قبل اندغام الأنا وصورتها المرآوية في ذات واحدة فإنها أي هذه الأنا الشاعرة تنشطر إلى متواليات لانهائية وهي تعيش حالة من الاستلاب يجعلها تكتفي بمراقبة الأشياء بدون المشاركة في صنع الحياة التي تجري أمامها، لأن المنفى في جوهره هو حالة استلاب تنزع من الذات فعاليتها الإنسانية من خلال إخراجها  من سياقها الثقافي والسيكولوجي والمعنوي. ومن هنا فإن أغلب قصائد هذه المجموعة جاءت مؤثثة بالوطن من خلال ذاكرة حية لا تغفل أدق التفاصيل، ومؤثثة في الوقت نفسه بعناصر المنفى المتمثلة في مراقبة مشهدية (بانورامية) عريضة تتوالد في عنوانات متتالية يكتب كل منها فصلاً خاصاً في كتاب المنفى ، أي في كتاب الذات المنشطرة إلى أنا وآخر، وإلى وطن ومنفى.

إن البنية اللغوية القائمة غالباً على ثنائية مخاطب( بكسرالطاء) ومخاطب(بفتحها) أي أنا وآخر، أو ذات صورتها المرآوية، هي من الناحية البنائية خروج من الغنائية المباشرة إلى حالة ترفع الخطاب الشعري إلى مستوى يتمكن فيه من النظر إلى الأشياء وإستيعابها وإعادة إنتاجها ، ضمن مناخ يقصد قصداً إلى السيطرة على العواطف و الانفعالات حتى تتمكن القصيدة من تقديم أيدولوجيتها الشعرية في بنية سردية درامية، حتى لو كان التقنيع الدرامي رفيعاً وشفافاً يكشف عن الأنا  الشعرية ولا يحجب غنائيتها، من غير أن تضعف العاطفة هنا ، وإنما يشعر القارىء أنها قد تحولت إلى تيار عميق يسري متدفقاً تحت سطح الكلام الذي يظل هادئاً من ناحية ظاهرية فقط . ولكي لا ينصرف الذهن هنا إلى أن الأنا الشعرية قد تعاملت مع صورتها المرآوية من منطلق مفهوم  علم النفس التجريبي ومفهوم لاكان ونظريته عن إدراك الذات، فإنني أستدرك هنا لأقول إن هذه الأنا هي التي تصنع لذاتها صورة آخرى أو قريناً تحاوره باستمرار تاكيداً على البعد الدرامي السردي وتخففاً من إفراط الغنائية من ناحية  ، ولأن ذلك يتيح من الناحية البنائية مجالاً أوسع للتأمل في المنفى والوطن والذات والأشياء والوجود برمته، من الناحية الأخرى. وهذا هو ما أدى في النهاية إلى العدول عن الاعتماد على دهشة الصورة الجزئية وقوتها – حال قصيدة النثر المعاصرة عادة – إلى بناء مشهد بانورامي واسع قوامه الصورة الكلية التي تتشكل من جميع عناصر القصيدة حتى الكلمة الأخيرة فيها، ولتعمل هذه القصائد في آخر الأمر مجتمعة لتقدم رؤية الديوان الكلية وايديولوجيته الشعرية المذابة في كل العناصر اللغوية بتمثلاتها المختلفة الغنائية والسردية والدرامية. أضف إلى ذلك أمراً آخر لابد أن يلفت نظر القارىء وهو هندسة القصيدة اللغوية وتشكيلها الطباعي ( أي ما يسمى طبوغرافيا الصفحة الشعرية ) . فهناك بنية هندسية تقوم على شبه تماثل بين المقاطع اللغوية التي تشكل صوتاً وما يقابلها من مقاطع آخرى تأتي الى يسارها طباعيا ً وهي تشكل الصدى أو القرار ، مما يجعل للصوت الواحد مستويين يذكران بالمعنى الأساسي والجوقة التي تردد مقطعاً مكرراً بفارق أن هذا المقطع هو جديد في كل مرة، ولكن دوره هو تظهير المعنى المتضمن في الأسطر المقابلة وفتح أبواب الدلالة على رؤية قادمة في المقاطع الأخرى ، وهكذا من المراوحة المدروسة التي تأخذ القصيدة في النهاية إلى ذروتها ، حتى أكاد أقول – مع بعض التوسع – إن الشاعر هنا يجرّب  اشكالاً شعرية جديدة في قصيدة النثر ، وهو الذي تأسس شعريا في القصيدة العربية بأشكالها المختلفة ، ومن ضمنها بطبيعة الحال قصيدة "التفعيلة"، مما يؤكد أن قصيدة النثر هي خيار جمالي تام ينحاز إليه الشاعر،و يستند إلى وعي كامل بدورها وأهميتها وقدرتها على حمل رؤيتة الشعرية واستيعابها" .

وبناء على طلب الحضور،قرأ بسيسو مجموعة من قصائد الديوان ،تفاعل معها الحضور،لينتقل بعدها الى توقيع الديوان.

تقع المجموعة في 192 صفحة من القطع المتوسط، وصدرت عن دار الشروق للنشر والتوزيع في عمان ـ الأردن، وصمم غلافها الفنان محمد سباعنة، وتحتوي على 52 نصاً نثرياً.

إيهاب بسيسو كاتب وشاعر فلسطيني ولد ونشأ في مدينة غزة، حصل على شهادة الدكتوراه في الإعلام الدولي من بريطانيا، عمل مدرساً للإعلام في جامعة كاردف في ويلز، كما عمل محاضراً في جامعة بير زيت قبل أن يعمل ناطقاً باسم الحكومة الفلسطينية، وتم تعيينه قبل أيام وزيراً للثقافة الفلسطينية.